الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

وما ادراك ما كلية الطب ( 1 )


بداية أحب أن اعترف فعلا بأن الضيق والتوتر والأحداث المجهدة غالبا ما تفجر الكبت , وفي اعتقادي أن أجمل أفكاري ومحاولاتي الكتابية تكون دائما فيما يسمى ب ( الزنقة )  كنوع من التحايل على الضغوط المجاورة . ولكن شدة الضيق والغضب والحزن تلجم لساني لا زلت لا استطيع وصف شعوري بالتحديد او على أقل تقدير صياغته بشكل مناسب ولكن دعوني أحاول بسرد مقدمة قد تبدو طويلة.
في صبح يوم امتحان الجزء العملي والشفهي من مادة طب الأطفال , مع العلم أني ما أبغضت مادة في حياتي وما قدمت آداءا أسوأ من مادة الأطفال , قد تختلف أو تتفق معي لكن فعلا لا اتحمل هذه المادة بكل فروعها , على كل حال كعادة الامتحانات التي يكون فيها مواجهة مع الأستاذ ينبغي عليك أن تتأنق بعض الشئ أو على أقل تقدير ترتدي زيا رسميا لتواجه الاستاذ , وبطبيعتي كشخص محب للراحة بكل انواعها فاني اعشق الملابس المريحة وارتداء زيا رسميا وحذاء خاص تشعرني بالضيق أشعر كأني مقيدة في ملابسي , بالرغم من أن المستشفى التي تقام فيها الامتحانات قد لا تختلف عن الطرقات المجاورة لها كثيرا , وكثيرا ما أفكر ان الزي الرسمي لا يتلاءم بأي شكل مع المكان أو مع حالة المرضى , على كل حال قد أطلت بما فيه الكفاية , وقفت في الردهة مع زملائي منتظرين دورنا في في الكشف على المرضى اللائي نعرف مسبقا مرضهم وما سيقولون , كنت على وشك أن أذهب للاستاذ مباشرة فقد قتلنا هؤلاء المرضى فحصا , على كل حل قمت بإكمال التمثيلية وأخذت بالتحدث مع أم الطفل المريض التي بطبيعة الحال ظلت تحاول معي كي تتحصل على أي مبلغ وكلما حاولت أن أدخل في الموضوع تقاطعني قائلة ( فين حلاوة الواد ) كعادتي قمت بكرمشة ورقة نقدية في يديها كي تسكت وتكمل معي الحوار  , بعد الانتهاء من الفحص تتوجه للاستاذ كي يناقشك في الحالة , يقوم بعصرك ونفضك حتى يتحصل على اجابات لأسئلة دقيقة عن تفاصيل العمليات والتركيب الجيني للمرض , ويتفنن في سؤالك على كل ما خارج معلوماتك , كأنك ستخرج الان لممارسة العمليات أو التشخيص الدقيق للحالة , ما أهمية تفاصيل العمليات الدقيقة في طالب كل ماعليه اساسيات , فيقومون بانتاج أطباء لا يعلمون اساسيات وبالتأكيد لا يفقهون التفاصيل , لا أدري هل كانت الأسئلة مستفزة الى هذا الحد أم أنني ما زلت غاضبة أو متأثرة بما رأيت في الخارج , حان الان أن أقول لكم ما أذهلني في الردهة قبل الامتحان . قبيل أن اباشر في سرد ما رأيت قد أكون فعلا كارهو لطب الأطفال أتفنن في وضع صور تعذيب الأطفال , لكن طوال عمري دائما ما كان يحزنني ويأثر في بكاء الطفل , أشعر أنه يمزق قلبي , فما بالك وهذا الطفل مريض , ما رأيت كانت طفلة صغيرة جدا قد لا تتعدى السنة من العمر وربما أقل نائمة على سرير في الردهة وبجاورها والدتها , ويوجد في رقبتها نوع من الأبر لحقن العلاج فيها للطفل , وكانت امها تحاول تنظيفها وتثبيتها لها , كانت تبكي من المها وأمها تمسك خرقة صغيرة مغموسة في مطهر لتنطيفها وحولها الذباب  والمكان في حالة قذرة تعاف النفس الجلوس فيه فكيف حال من يتطبب هناك , نظرت حولي أما من ممرضة , طبيب يتعامل مع هذه الطفلة على الأقل في مكان نظيف نظيف ولا أقول معقم , نظرت للطفلة وهي تبكي , ونظرت للاساتذة و الطلبة وهم يمتحنون , أهذا هو الطب , سحقا من نظام اهتم بشكليت وتفاهات وترك الناس بمرضهم وهمومهم , اسمحولي ها موقف واحد فقط , هناك الكثير الكثيير مما نراه يوميا في هذا المكان , لا أعلم كيف تغفل عين حاكم بشر هذا هو حالهم , ان غباء ادارة الكلية والمستشفى جزة من فساد الدولة , من تهب أرضها بابخس الاثمان لبناء قرى سياحية ولا تلتفت لحاجة المستشفيات وتركت الاطباء والطلبة هائمين في نظام فاشل , أرجو من جميع الناس رفقا بالاطباء فهم محملين بما لا يطيقون ,, لنا الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق