الأحد، 6 يونيو 2010

شعور ( من سلسلة القصص القصيرة )


كانت تجلس ( ليالي ) على كرسي صغير أمام طاولة زينتها وهي تنظر الى المرآه . كانت لها عينان داكنتان واسعتان وأنف مدبب صغير وشفاهها رفيعة ولكنها جذابة طالما كانت تعتقد أنها تحتاج لشفتين ممتلئتين لتصبح أجمل امرأه في العالم خاصة وهي تتمتع بقوام رشيق . كانت تمرر فرشاه على وجنتيها الناعمتين لتعطيهما لونا خوخيا لذيذا . تركت الفرشاه على الطاولة بحركة خفيفة لا تخلو من شئ من العصبية , كانت تهندم ثيابها و تعدل من ياقة ثوبها لتكشف عن ترقوتين مرمريتين يظهر لمعانها من خلال فتحة ثوبها الاسود الذي يكشف أيضا عن كتفيها وجزء من صدرها
شردت بأفكارها وعينيها تحدقان في صورتها الجميلة في المرآه , قالت وهي تحدث نفسها . لا عجب أنني تزوجت زيجة جيدة فأنا اتمتع بجمال فاتن وقوام ممشوق حتى انه لم يتأثر بعد ولادة ابنتي الصغيرة التي لم تبلغ بعد عاما من عمرها . صحيح ان الجمال أصبح في وقتنا هذا كل ما يجب ان تتحلى به الفتاة لتحصل على زيجة جيدة . فمعظم الرجال ذوي المال والأعمال يرغبون في دمية جميلة تقف بجوارهم ليتباهوا بها كجزء من ثيابه , كربطة العنق الفاخرة أو السيجار الفاخر الذي بيده , فإنه أيضا يريد أن يجرجر في يده فتاه جميلة لتكتمل الصورة المبهرة لشخص جلاله . ولكنني كنت أختلف عن كل هؤلاء فبجانب جمالي أتمتع بذكاء وسرعة بديهة تنعكس على عملي وجاذبية شخصيتي تضيف الي في حياتي الاجتماعية الجديدة كزوجة لاحد هؤلاء .
و لكن ياإلهي كم أصبح ظالمة في كثير من الأحيان , إن زوجي ليس كهؤلاء , إنه شخص ذكي ورقيق الجانب يحسن معاملتي وله سحنة أجنبية تعود لجدته لأبيه أظن انها تركية أو روسية لم أعد اتذكر بالإضافة إلى أنه رجل أعمال ناجح ورب منزل متحمل للمسؤولية .
عادت سريعا إلى الواقع عندما سمعت صوت بكاء ابنتها من الغرفة الأخري , قامت سريعا منتفضة حتى أنها اسقطت الكرسي خلفها وتوجهت ألى الغرفة المجاورة لتجد ابنتها ( سما ) غارقة في بكاء ضعيف وكان واضح أن سبب بكائها هو استيقاظها على صوت الحفارات التي تعمل في الحديقة المجاورة لمنزلهم , فقد قيل أن مسؤولا مرموقا سوف يسكن في المنزل المجاور لهم لهذا يجب أن يتم تشجير الطريق المؤدي للمنزل لتبتهج أسارير سعادته لتقوى نفسيته على خدمة هذا الشعب .
حملت طفلتها وهي تهدهدها على كتفها وتغني لها بصوت حاني جميل أغنية اعتادت ان تسمعها عندما كانت في المرحلة الجامعية وعهدت على نفسها ان تغنيها لطفلها او طفلتها المرتقبة.
كانت سما طفلة جميلة لم تبلغ بعد عامها الأول . كانت ليلى تنظر الى جمال طفلتها وتحدث نفسها , كيف لأحد أن لا يحب هذا الملاك الجميل , إنها لا تزال تذكر عبوس وجه حماتها عندما علمت ان ابنها رزق بطفلة عوضا عن طفل
كيف لأحد على هذا القدر من التعليم والمستوى الاجتماعي أن يفكر بطريقة ( لما قالوا ده غلام اتشد حيلي واستقام , لما قالوا ده بنيه اتهد ركن البيت عليا ) العجيب في الموضوع انها وكيلة وزارة أليس الجدير بالوزيرة إلا قليلا أن تفرح بحفيدتها لكي تكمل مشوارها لا أن تمط وتلوك شفاهها أسفا على الحفيدة القادمة . يالها من عجوز بشعة
أعادت سما إلى مهدها بعدما هدأت لتذهب إلى المطبخ حتى تتابع طعام العشاء
عند دخولها للمطبخ رائحة الطعام الشهي أزكمت أنفها وذكرتها بوالدتها التي قامت بتعليمها أشهى و ألذ الاصناف ... رحمة الله عليك يا أمي لم يمر على وفاتك ال6 أشهر وها قد بدأت أشعر بك في كل وصفة وكل إناء اشتريته لي أثناء زواجي .. كان دائما ما يمتدح زوجي طعامك ويقول ( ابن الوز عوام ) إطراءا على تعليمك لي أسرار الطعام اللذيذ , حتى العجوز الشمطاء كانت تتلمظ عند وقت الطعام لتلتهم ما تجودي به عليها من لحوم وخضروات وحلوى .. آه لو كنت معي الان يا أمي ما قدرت تلك العجوز على توجيه كلمة إلى ولا لابنتي الصغيرة .
جففت ليالي يداها بعدما أعدت المائدة واطمأنت على صغيرتها . ألقت نظرة سريعة على هندامها في مرآة المدخل وجلست على الأريكة وهي تتنهد وتقول : علي الأن أن انتظر زوجي لتناول طعام العشاء معا لم أعد أحس نفس الشغف ولا اللهفة لملاقاته بعد الان
لم يمر على زيجتي عامين بعد ولكني بدأت اشعر ... لا أعرف بماذا بالتحديد لا استطيع أن أقول بالملل ولا الكره لالالا أنه شئ غريب
مثلا أحداث هذا اليوم قبل شهور كانت لتكون مثيرة وجميلة ولكن اليوم أشعر وكأنني أحدى عرائس الماريونيت التي تقوم بدورها باتقان لا اكثر بدون اي شعور او حماس
منذ عدة ساعات مضت كان زوجي يتأهب للخروج لحضور زفاف صديقه ,, كنت أساعده في اختيار الطاقم المناسب وطالما كنت أساعده في ربط ربطة عنقه ,, اعتاد زوجي أن يقبلني أنا أقوم بذالك وطالما شعرت بالنشوة من هذه القبلة السريعة لكن اليوم شعرت وكانها لثمه بين اسماك وطيور لم توقع في نفسي أي شئ
اعتدت تحضير الطعام بسعادة ألى أن يحين موعد وصول زوجي لكن اليوم أشعر و كأني أحضر الطعام في أحد بيوت الايتام او دار للعجزة
حتى عندما ننتهي من الطعام ونتوجه الى حجرتنا انا اعلم أنني سوف اتجاهل نظراته تماما واتجه الى جانبي من السرير واغط في نومي مدعية انني متعبة من العناية بسما طيلة النهار
لا اعلم ماذا حل بي اشعر أن ما يجري في عروقي ماء بارد وليس دما حتى ابنتي انني احبها جدا انها قطعة مني ولكن
أشعر في كثير من الأحيان بأني أريد أن أترك المنزل لا أحمل سوى صورة لأمي وابنتي واهرب بعيدا لا ادري الى اين ,,,
ارتعبت ليالي لدى سماعها صوت زوجها وهو يقرع الباب ويدخل يقول ( ليالي حبيتي أنت فين انا جيت )
استقبلته ليالي وعلى وجهها اختلاجه خفيفة وهي تحاول أن تظهر شبح ابتسامه وتقول ( حمدالله عالسلامة حبيبي ) وتقبله بين عينيه
تمت