الجمعة، 15 يوليو 2011

اطلالة الماضي



لا تعرف كيف ولا متى رمى القدر ذكراه أمامها مرة أخرى ,, بعد كل هذه السنوات تراه أمامها وكأنها لم تفترق معه لحظة واحده , حركاته وسكناته , وحتى حديثه كأنها ما زالت تتحدث معه دون انقطاع , مازال يطرح آراءه ويتكلم عن عائلته وعن عمله , مازال يحتفظ بنفس الفكر والمعتقدات , تعجبت لقد كان كل ما يقوله لها صحيحا , لم يكن يكذب او يتجمل ليثير اعجابها , أطرقت لحظة , وهي تستعرض شريط ذكرياتها معه , لماذا تتعجب من رؤيته الان ؟ هل بالفعل كانت مفاجأة ان تتذكره بعد كل هذه السنوات ؟ أم انها متعجبة من تحقق امنيتها بلقاءه مرة أخرى ؟!
بالفعل انها لطالما تتذكره وكأنه جزء من حياتها , لم تنسه ابدا , نهايتة علاقتهما كانت مبتورة جدا , لم يسمح لهم القدر بوداع لائق , لقد كان فراقا مفاجئ مؤلم جدا وجرح لم يندمل مع السنون , بالفعل مازال يعيش معها , كان دائما يعتبر الرجل المرجع لها , لقد كان فارسها في الحب ورجل اخلامها في الزواج كان دائما ما يكون في مقارنه مع كل رجل تقابله , ودائما ما يفوز بهذه المقارنه , كانت ذكراه تطمئنها بالرغم من الالم والخوف التي تحملها هذه الذكريات , كيف تتذكره ببسمة وشوق وفي نفس الوقت خوف والم , يالها من مشاعر متضاربة , لم تعرف كيف تتصرف , لقد راته ماذا تفعل الان هل تكتفي بمعرفة انه بخير ام تقوم بخطوة ما ؟ هل هي مستعدة لكي تظهر في حياته مجددا ؟ لا تعرف كيف سيكون رد فعله حيالها , لقد عثرت على رقم هاتفه الجديد , حسنا سوف تحتفظ به , انها لا تجرؤ على محادثته ولكنها سوف تحتفظ بها على اية حال , لقد دونت رقمه باسم " الماضي " لم تستطع ان تكتب اسمه مازال نطقها لاسمه يحمل معه هذه الرجفة في شفاهها , وتعثر كلماتها واضطراب في مشاعرها , حسنا مذا بعد , لا تحتمل ان تشعر به وهو في عالمه لا يشعر بها , سوف تبعث له رسالة عادية مثلها مثل الاف متابعيه عن شأن عام تماما بلهجة حيادية , لتعرف ما موقفه منها , لقد ارسلت كلماتها بعناية وهي تنتظر الرد , ظلت تتقلب في الفراش يجافيها النوم وذكرياتهما وحديثه لها يدور أمامها في عرض مستمر , ذهبت لتتفقد ما كتبه لها حتى تستطيع العودة للنوم , كانت دقات قلبها مثل قرع الطبول وضجيج يصم اذانها من التوتر في سكون الليل , ترى بم سيرد ؟ هل سيتجاهل الرسالة ؟ هل سيرد بطريقة طبيعية تماما عن الشان العام؟ هل سيتذكرها يا الهي تتمنى ان ترى رده سريعا حتى تتخلص من كل هذه الاسئلة ,, نعم لقد زجدت الرد كان عبارة عن جملة واحده , هل انت فلانة ؟ يالهي لقد تذكرها باسمها ثلاثيا , لم يتطرق للموضوع من الاصل ماذا ستفعل الان ؟ هل سترد بالايجاب , ام ستنكر , ماذا بعد , لم تضع سيناريو مماثلا قبل ان ترسل اليه ؟ سألت نفسها بوضوح , ماذا تريدين الان , أمالت جانبها على السرير ووضعت راسها على وسادتها , وأمست تتخيل ماذا تريد بعد , لا لن ترد عليه سوف تترك له المبادرة هذه المرة اذا مازال يذكرها سوف يلح في سؤاله لها , بالفعل لا تريد الرد لا ترغب بالدخول في مناقشات لا تريد الكلام , انها ترغب فقط ,
فقط في رؤيته , فعلا ترغب في الانتقال الى المرحلة التالية التي لم يسمح لها القدر بالتجربه , لابد ان لقاءه سيكون مميزا هذه المرة بعد زمن من الفراق , استيقظت صباحا وقررت ان تبعث له بردها , قابلني في المطعم الذي يقع على النهر ,
هذه هي المرة الاولى التي تتحدث معه فيها بهذه الطريقة لابد ان سنوات من الفراق اكسبتها الكثير , علمتها الحياة الكثير لقد اصبحت اقوى واشجع واقدر على مواجهة الحياة , لقد اكتسب قلبها مناعة ويستطع الان مواجهة الحب بثبات و قوة افضل , لم تعد تلك الفتاة الصغيرة التي تتشكل بسهولة في يده , التي ترى العالم من خلاله , لا لم تعد ضعيفة كما اعتاد عليها , بالاضافة انها ان قلبها اكتسى قسوة خفيفة لشعورها بهجره لها وعدم دعمها , عندما فرق بينهما دون ادنى فرصو للوداع , او حتى للاطمئنان على طفلته , وحبيبته ماذا سيفعل بها الزمن بدونه ,
لم تفكر ماذا سيكن رده ؟ , بل انها لم تدر بالا لان تتساءل ما هو حاله الان , هل مازال يكن لها المشاعر , هلى يحبها , يكرهها , هل تزوج هل لديه اطفال , هل وضعه سيسمح له بالقبول , نفضت عنها افكارها سريعا انها لا تريد سوى ماقبلته , قان قبل كان بها وان لم يقبل فانها ستنسى ذكراه للابد , بالفعل ذهبت في الموعد الذي قامت بتحديده وجلست على طاولة تطل على النهر , ذكرت للنادل اسمها اذا ما جاء شخصا ليسال عليها , وطلبت منه ماءا فقط حتى يصل رفيقها , لم تكن في حاله تسمح بتناول اي شئ , سوف تعب الماء فقط لتخفي حيرتها وارتكابها في رشفات المياه , ظلت تتلفت حولها , تعبث في هاتفها النقال , تضحك للاطفال , تتام المكان حولها بالفعل مكان جميل لقد احسنت اختيار المكان انه جميل يليق بهذا اللقاء المنتظر , منظر مياه النهرالتي تمر امامها , طيور تحلق حول المكان , وطاولات بيضاء متراصة , وندلاء يهرولون بين الطاولات , يحملون اطباقا بها اصناف من الطعام الشهي , واناس يتحلقون حول الطاولات يتهامسون ويضحكون كل يغني على ليلاه , وهي مازالت تجلس وحيدة منتظرة , بدأ الشك يتسرب الى قلبها , وتوالت الاسئلة على راسها تطحنها طحنا , كيف تصبح بالغباء الذي يجعلها تثق في قدومه للقاءها , امازال على الوعد ؟ لماذا افترضت انه مازال يحبها كما تحبه , الا يعقل ان يكون زوجا ولا يصح ان يذهب لمقابلة حبيبته السابقة , او قد يكون ابا يصطحب اولاده للمنزل الان ؟ او قد يكون مديرا في مكان ما ولا يعبأ بذكراه مع فتاه مراهقة أطلت عليه من الماضي , امالت راسها على الطاولة وحزن مصحوب بذنب على قرارها بالمجئ الى هنا , مازالت مطرقة راسها وتنظر الى قدميها التي خانتها وقادتها لمقابلة الماضي , اوشكت دمعة ان تفر من عينيها حتى وجدت من يطرق على كتفها من الخلف , وصوت ينادي باسمها ؟ رفعت راسها بشبح ابتسامه وظلت تتفحص الشخص الذي امامها , نعم لقد كان هو لم يتغير كثيرا , زاد عليه هذه اللحية الخفيفة التي اضفت على وجهه وسامه مع الشارب , يرتدي قميصا اسود , بنطالا فاتحا ويحمل في يديه حاسبه المحمول الذي طالما رافقه , بالفعل لم يتغير بل كان في نطرها اوسم واكتسى بلمحة نضج مثيرة , جلس أمامها ينطر اليها بانبهار واعجاب , كانت نظراته توحي بانه لاحظ بانها على عكسه تغيرت كثيرا , لقد كبرت الان واصبحت امراه بالفعل , في غاية الجمال مازال ذلك الوهج الذي يطل منعينيها موجودا مازال يحرق قلبه بالشوق لها , وابتسامتها التي لا تفارق ثغرها حتى في احلك المواقف و وشاحا حريريا يلف عنقعا الذيي لاطالما رغب في تقبيله , قوامها اصبح انثويا اكثر , تضاريس جسدها ملفوفة في بنطال وقميص حريري يتخلله الهواء وكأنها ملاك تعلى وشط الطيران , يداها ترتكز على الطاولة اظافرها مطلية بعناية وخالية من الخواتم , احست براحة في عينيه لوجود اصابعها الخالية من خواتم الارتباط , ظل يراقبها ويتأملها وهو شبه فارغ فاه , شعر بتوترها وهي تشرب بعض الماء , دار بينهما حوار عادي عن الاحوال والعمل , كان ملخصه ان كلاهما لم يتزوج الى الان , وان دراستهم واعمالهم في تقدم , تحدثوا في امور الحياة لكنه لاحظ اختلافه معها في الكثير , ايقن تغيرها وقوتها في الحديث علم ان طفلته كبرت كان نوعا ما فخور بها , هم ان يطلب بعض الطعام لهما وعند قدوم النادل , سبقته بالحديث وسالته عن مركب المطعم الخاص اهو متاح الان ام لا ؟ اجابها بالايجاب فاشارت اليه بالذهاب وانهم سوف يلحقان به , نظر اليها بتعجب سرعان ما تبدد عندما قامت واخذت بيده ليتبعا النادل الى المركب , قفزت برشاقة الى داخل المركب وأشارت اليه ان يرافقها , تحركت بهم المركرب قليلا وهم في صمت مطبق , توجها الى مقدمة المركب واماههم النهر ازرقا جميلا , والهواء العليل ينعشهما , اقترب منه قليلا وقطعت جبال الصمت بكلمة " ضمني " في الوقت الذي تحيط ذراعيها برقبته وتريح راسها صدره , كان جسده متوترا من جراتها غير المعهودة , ومن مبادرتها ولكنه لم يلبث ان احاط جسدها بذراعيه , كان قلبيهما يخفق بشده وشريط ذكرياتهما معا يمر في راسيهما , واذرعتهم تش\هم الى بعضم بقوة حتى كادت تتكسر ضلوعهما , لم يتبادلا اي كلمة خلال هذا العناق الطويل سوى همهمات منهما الاثنين " أحبك " تنبها من بطئ حركة المرطب واصطدامه بالمرسى هذا الذي انهى هذا العناق الذي طال انتظاره , ترجلت من المركب وتبعها لكنها لم تتوجه الى طاولتهما بل توجهت الى باب الخروج امسك بيدها , وسالها الى اين ؟ قالت لقد قمنا بتونا بالوداع اللائق كنت بحاجة الى هذا اليوم لكي ينتهي شريط الذكريات واستطيع ان امضي قدما في حيات يالعاطفية , شكرا لك على قدومك ومشاعرك التي ما زلت تكنها لي , والان وداعا ,,,
تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق